العدد 8 من سلسلة دليل “البيّاع”

العدد 8 من سلسلة دليل  “البيّاع”

 

 

عادت أمطار الخير هذا الأسبوع، وعادت برفقة برد قارس جعلني أفكر في التوجه لاقتناء جلابة صوفية تساعد على الإحساس بالدفء.

 دخلت إلى محل ، دون أن اعرف النوع الذي  سأشتريه ، مع إنني كنت لابسا جلابة اشتريتها السنة الماضية ، فرأيت عدة جلابات صوفية متعددة الألوان و الإشكال التقليدية، رمقت “البيّاع” صاحب المحل بنظرة خاطفة، فلاحظت انه يتفرج على مباراة لكرة القدم من البطولة الانجليزية  ،بادرته بالسلام لعلي استطيع أن أحول انتباهه نحوي ، ففاجأني بنظرة وتحية سريعة موجها نظره مرة أخرى للتركيز على التلفاز، مما جعلني أقف مشدوها أمام هذا التصرف اللّابيعي ،فكرت قليلا فسألته حول ثمن جلابة أعجبني تصميمها ،رغم عدم خبرتي بجودة الصوف و الخياطة إلا إنني أردت أن يركز معي و التحرك من مكانه على الأقل،

سؤالي كان روتينيا ، بكم هذه الجلابة السوداء ذات الخطوط البيضاء ؟ حدد مكانها بعينيه فقال المبلغ و عاد مرة أخرى لمتابعة المعركة الرياضية، لم يقنعني هذا النوع من التعامل فألقيت عليه السلام و خرجت.

 دائما توجد محلات كثيرة متمركزة قرب بعضها لبيع المنتجات التقليدية ، تتنافس فيما بينها و يمتاز احدها عن الأخر في أمر ما…، قررت أن ألاحظ تعاملهم في نفس الوقت الذي أريد شراء جلابتي التي لا اعرف شكلها أو جودتها. و دون مبالغة مررت بمحلات كثيرة فوجدت من يقرأ القران ، لا يتكلم حتى تبادره ،محلات شبه فارغة لا يوجد بها “البيّاعون”…

في لحظة، بمجرد وقوفي أمام محل سبقني صاحبه لإلقاء التحية و قال لي “شحب الخاطر ا سيدي”. قلت له “جلابة صوفية مناسبة للاتقاء من البرد” . لم أتخيل ما سيفعله . بدأ معي بالتكلم حول تاريخ الجلابة، أصلها، أنواعها، كيفية التمييز بين جودة الصوف، أماكن خياطتها و أمور أخرى….. أحسست أني مع “بيّاع”  جد مستعد مؤهل ليشتغل في هذه المهنة ،مما جعل ثقتي نحوه تزداد ، أراني 5 أنواع أشعرتني بدفء الجلابة قبل ارتدائها و شراءها ، أحسن ما أعجبني في هذا البياع هو انه طبق معي بثقة طريقة في البيع تسمى البديلين ، حيث بدا يقصي نوع وراء أخر إلى أن ترك أمامي نوعين تكلم عنهما بالتفصيل ، ففاجأني بسؤال ،أيهما تختار هل هذه أم الأخرى؟  كل ذلك دون أن أكون قد اقتنعت نهائيا في داخلي بإحدى الجلابتين ،لكن السؤال فعلا جعلني اتخذ القرار في الحال .

ما أثارني أكثر هو أني بعد أن اشتريت منه الجلابة علمني كيف استطيع أن أحفظها جيدا  في خزانتي بعد أن تذهب نوبة البرد و العودة إلى اللباس العادي ، و هذا ما اعتبرته خدمة ما بعد البيع ، و أخيرا قبل مغادرتي أعطاني بطاقته و قال لي إذا احتاج احد أصدقاءك لجلابة فما عليك إلا إن تتصل بي و سأستقبله جيدا .

خلاصة التجربة انه يوجد بياعون أذكياء ، مستعدون و واثقون من النجاح في  مهنتهم و آخرون يلبون الطلبات أو الأوامر دون أن يبادروا بمعرفة حاجة العميل ، يظنون أن العميل يعرف ما يريد و لا يعتقدون أنهم بإمكانهم إقناعه،و العكس صحيح ،خصوصا إذا فكروا أن أي شخص دخل عندهم إلا و هناك سبب يجب البحث عنه في أعماق العميل .

 ل”البيّاع” عدة وظائف منها تحديد الحاجات، جذب عملاء جدد، جمع المعلومات، استعمال المعلومات عند الحاجة و مساعدة العميل على التعلم و التجديد إذا كان المنتج متغير و متنوع. كل هذا يمكن تطبيقه بتوجيه أسئلة مهمة متعلقة بالعميل، يستقي منها تجربته، مشكلته و من ثم حاجته، لأنه لا يمكن أن نحكم على عميل بتجربة عميل أخر، بل الإنصات له لكي نبتعد عن مهمة تنفيذ طلباته فقط.

 

يوسف السمار

 

للتواصل : https://www.facebook.com/semmaryoussef

-ماجستير في التسويق،التسيير التجاري ،الإعلان، التواصل، ،التجارة الالكترونية  

– ماجستير في الكمياء- فزياء-  NANOTECHNOLOGIE

– مدرب تنمية بشرية -المركز الهولندي للتنمية البشرية-

– ماستر برمجة لغوية عصبية  -البورد الأمريكي- NLP-

 

مشاركة المقالة
اترك تعليقاً