تماشيا مع الخط التحريري للجريدة, وعملا بمبدأ تقريب القارئ من مستجدات إخواننا الشفشاونيين ببلاد المهجر, حصلت وزان بريس على المداخلة الكاملة للناشط الشفشاوني محمد بن ميمون بمناسبة الندوة الصحفية حول تطورات الإتفاقية المغربية الهولندية بمقرالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالرباط, ومعروف أن السيد محمد بن ميمون هو ناشط حقوقي وسياسي بهولندا دافع عن مصالح المهاجرين داخل وخارج أرض الوطن, وله عدة حوارات مع مجموعة من المنابر الإعلامية الدولية والوطنية وفيما يلي النص الكامل للمداخلة:
‘ تقديم :
لقد قام المغرب بتوقيع فقط لحد الآن 5 اتفاقيات دولية للضمان الاجتماعي :
– المغرب وفرنسا بتاريخ 9/7/1965 وشرع في تطبيقها في فاتح يناير 1967.
– المغرب و اسبانيا بتاريخ 8/11/1979.
– المغرب و بلجيكا بتاريخ 24/6/1968 ودخلت حيز التنفيذ يوم فاتح غشت 1971.
– المغرب وتونس بتاريخ 5 فبراير 1987 ودخلت حيز التنفيذ في فاتح يونيو 1999.
– المغرب و هولندا (التي هي موضوع نقاشنا اليوم) فقد تم التوقيع على الاتفاقية بتاريخ 14 فبراير 1972 ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 1 يناير1973 وقد تمت مراجعتها سنة 1996، 2000 و2002 وقد دخلت هذه المراجعات حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ 1نوفمبر 2004.
لقد جاءت هذه الاتفاقية لتأكيد المبادئ التالية (الفصل الخامس) :
* مبدأ المساواة في معاملة رعايا البلدين (نفس الحقوق والواجبات والمزايا بالنسبة لتشريعات الضمان الاجتماعي.
* مبدأ المعاملة بالمثل.
* مبدأ الحفاظ على الحقوق المكتسبة والحقوق التي هي في طور الاكتساب (حق الجمع بين فترات التأمين، المنافع النقدية والعينية كالعلاجات الطبية … قصيرة وطويلة الأمد).
هذه الاتفاقية الثنائية توفر شروطا أحسن من الاتفاقية المتعددة الأطراف (Multilatérales ) مع الإتحاد الأروبي كالمساواة في التعويضات العائلية حتى بالنسبة للأطفال المقيمين بالمغرب، ولكن مع الأسف لقد تم التراجع عنها من جانب واحد وذلك بتخفيض 40% من معاشات الأرامل واليتامى والتعويضات العائلية للأطفال و 33 أورو بالنسبة للتأمين الصحي ابتداء من فاتح يناير 2013 مع امكانية إلغاء وفسخ الإتفاقية ابتداء من يناير 2014 (القضية مطروحة أمام المجلس الأعلى للدولة للتداول و الإستشارة).
لقد تضررت حوالي 1000 أرملة مغربية و4ألاف طفل مغربي من هذا القانون الجائر الذي أقره البرلمان الهولندي، وبذلك بإعتماد الحكومة الهولندية لمبدأين :
– مبدأ الإقامة (المغرب دولة خارجة عن الإتحاد الأروبي) وهذا إجراء يدخل في خانة الميز العنصري الذي يمنعه الفصل الأول من الدستور الهولندي والفصل 13 من معاهدة أروبا بالحقوق الإنسان.
– تقرير البنك الدولي حول مستوى المعيشة بالمغرب (مستوى المعيشة أرخص بـ 60% من مستوى المعيشة بهولندا) وهذا حساب خاطئ وهذا حساب خاطئ وإجراء ذات طابع عنصري ومخالف للمواثيق الدولية لقد شمل هذا الإجراء 23 دولة خارجة عن الإتحاد الأروبي بما فيها تركيا التي رفعت تظلما إلى الحكومة الهولندية و الإتحاد الأروبي و البرلمان الأروبي الذي صادق يوم 17 مارس 2013 على ملتمس يقتضي بإستثناء الجالية التركية وتركيا من قانون تخفيض التعويضات الإجتماعية وإلغائها وذلك بصفة تركيا عضوا بمجلس أروبا غرار المغرب الذي لم يتحرك إلا مؤخرا بعد إثارتي للموضوع إعلاميا بتاريخ 12 شتنبر 2012 بجريدة الأحداث المغربية ولقائي بالسيد وزير التشغيل المغربي خلال لقاء دولي حول التماسك الإجتماعي بالصخيرات وإتصالي ببعض البرلمانيين المغاربة حيث تفضل السيد النائب جمال إستيتو مشكورا عن فريق الأصالة و المعاصرة يوم 31 دجنبر 2012 يطرح سؤال شفوي على السيد وزير الخارجية و التعاون، تبعه لقاء تواصلي وتشاوري بتاريخ 7 يناير 2013 بمدينة الحسيمة، إضافة إلى إصدار المجلس الوطني لحزب الإستقلال لبيان تضامني وإستنكاري وكذلك للمنظمة الديمقراطية للشغل التي راسلت عدة هيئات نقابية دولية وطرحتها في عدة منتديات دولية إضافة إلى إصدارها كذلك و بإستمرار لبيانات تضامنية و إستنكارية وهنا لابد من الإشارة أن السيد النائب المختار غامبو عن فريق الحركة الشعبية طرح هذه القضية بصفته عضوا في اللجنة المغربية “الأروبية المشتركة” حول الهجرة أمام مجلس أروبا، إضافة إلى طرح هذه القضية من طرف فرق برلمانية أخرى خلال الآونة الأخيرة.
كما أود الإشارة إلى أن السيد وزير الشغل و الشؤون الإجتماعية الهولندية قد وجه رسالة بتاريخ 14 يناير 2013 إلى لجنة الشغل و الشؤون الإجتماعية بالبرلمان الهولندي يخبرها أن الحكومة المغربية لأول مرة في شهر أبريل 2011 برغبتها في التفاوض من أجل تعديل الإتفاقية الثنائية وذلك بإستعمال عدة قنوات ولكن دون تلقي أي جواب من طرف الحكومة المغربية ويضيف السيد الوزير في رسالته أن الحكومة الهولندية أشعرت الحكومة المغربية آنذاك (منذ أبريل 2011) أن الحكومة الهولندية تقوم بإعداد مشروع قانون إلغاء وفسخ الإتفاقية وبطرحه على البرلمان من أجل المصادقة وفي حال فسخ الإتفاقية حسب السيد الوزير لن يصبح بإمكان المغاربة العودة إلى وطنهم الأصلي بإستثناء تعويض الشيخوخة.
وبالنسبة للذين رجعوا إلى وطنهم الأصلي أثناء سريان الإتفاقية ستواصل الحكومة الهولندية بعد فسخ الإتفاقية في صرف مستحقاتهم أو تعويضاتهم بإستثناء تعويضات الأطفال.
كما يقول السيد وزير الشغل والشؤون الإجتماعية الهولندي أنه سيواصل سعيه لتعديل الإتفاقية الثنائية من هولندا والمغرب من أجل موافقة الغرفة الأولى (مجلس الشيوخ الهولندي) تعديل قانون تعويضات الأطفال بعد تعديل الإتفاقية الثنائية وهذه ضرورية بالنسبة له.
وهذا ما يفسر عدم تدخل الحكومة المغربية في الوقت الذي طلب منها التفاوض مما يطرح صعوبة أو عدم إمكانية التفاوض على شيء تقرر من طرف البرلمان الهولندي والذي دخل حيز التنفيذ إبتداء من فاتح يناير 2013.
أما فيما يتعلق بالإتفاقيات المتعددة الأطراف بين المغرب و الإتحاد الأروبي كإتفاقية الشراكة بين المغرب والإتحاد الأروبي حيث ينص الفصل 65على عدم التمييز بين الأفراد فيما يتعلق بالحقوق الإجتماعية وتتجلى مقتضيات الإتفاقية في التالي :
· مبدأ عدم التمييز والتسريح بناء على الجنسية.
· اللجوء إلى محكمة العدل الأروبية في حالة الخرق.
· ضمان الحق في الحقوق الإجتماعية للمغاربة وأفراد أسرتهم.
· حق تجميع فترات التأمين والشغل ودول الإقامة.
· حرية التحويل.
· تطوير آفاق الشراكة لتوسيع وتقوية الحماية الإجتماعية (الوضع المتعدد).
· التغطية الصحية وترحيل التعويضات العائلية مستثناة من إتفاقية الشراكة على غرار تركيا بصفتها عضو بمجلس أوروبا.
· و التصريح المشترك لتأويل الفصول (خاصة الفصل 65) فيما يتعلق بحق التجمع العائلي الذي يتعارض مع الفصل 8 من الإتفاقية الأروبية لحقوق الإنسان.
كما يجب الإشارة كذلك إلى أن المجتمع المدني المغربي بهولندا لم يبق مكتوف الأيدي ولكن قام بتحركات مجهودة على مستوى التأطير و التواصل وطرح هذه القضية على عدة مستويات كما قام بمساعدة الفئات المتضررة على تقديم الطعون الفردية أمام بنك التأمين الإجتماعي بهولندا.
و من مؤاخذات المجتمع المدني المغربي بهولندا بصفة عامة و الجالية المغربية بهولندا بصفة خاصة عن الحكومة المغربية كالتالي :
* عدم اعتماد المقاربة التشاورية و التشاركية في إتخاذ القرارات المتعلقة بالجالية على غرار تركيا لأن أهل مكة أدرى بشعابها.
* عدم الرد أو التدخل الفوري للحكومة المغربية إضافة إلى رفضها التفاوض وعدم لجوئها إلى المؤسسات و الهيئات الأروبية حسب إتفاقية الشراكة بين المغرب و الإتحاد الأروبي على غرار تركيا.
* الغموض و الإنكار و الإستهتار وعدم أخذ التطورات و الإنعكاسات السلبية بجدية.
* الزيارة الأخيرة و المتأخرة للسيد وزير الجالية حيث لم تخرج الزيارة عن نطاق التشكي و تلقي الشكايات الفردية من سوء المعاملات الإدارية المغربية و تعثر تنفيذ الأحكام القضائية كأن دور الوزارة منحصر في بريد المهاجرين المغاربة.
* عدم تكليف الوزير الوصي عن القطاع أي السيد وزير التشغيل المغربي على غرار نظيره الهولندي، لأن وزير الجالية يقوم فقط بدور التنسيق وليس وصيا على القطاع من الناحية القانونية و التقنية.
* اعتماد سياسة العجرفة و المقايضة (مقايضة ملف الهجرة بملفات أخرى) ذات أهمية وأولوية، و هذا إعتماد خاطئ وخطير لأنه يجب الفصل بين ما هو سياسي و حقوقي وإقتصادي، عملا بمبدأ لكل مقام مقام كما أن من حق المغرب الدفاع عن قضاياه و مشاريعه العادلة دون الحاجة إلى إعتماد سياسة المقايضة أو الإنبطاح أو كل ما من شأنه الإضرار بحقوق الناس و بصفة خاصة الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تشكل أهم رابط ثقافي و إجتماعي و إقتصادي بين المغرب ودول المهجر وحققت الرخاء الإجتماعي و الإقتصادي في المغرب ودول المهجر ولكنها أصبحت مع الأسف بين المطرقة و السندان كما أن تحويلاتها المالية ارتفعت منذ سنة 1999 من 23 مليار درهم إلى 58 مليار درهم سنة 2012 (ما يعادل ميزانية صندوق المقاصة) لا يقع إستثمار إلا أقل من 7% في المناطق المنحدرة منها وخاصة في المغرب العميق مما يطرح على البرلمان المغربي فتح نقاش عمومي جاد حول هذه القضايا العالقة و الشائكة إضافة إلى ضرورة فتح ورش الإتفاقيات السلبية في ظل الأزمة الأروبية لأن النموذج الهولندي هو بداية وليس نهاية وسوف تعتمده كذلك باقي الدول الأروبية.
كما يجب على الحكومة المغربية القطع مع كل الأساليب السلبية التي كانت تنهجها الحكومات المتعاقبة وذلك إحتراما للدستور و للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما يجب الإشارة كذلك قبل الختام أن من حق الفئة المتضررة من القانون الهولندي الجائر المتعلق بتخفيض التعويضات و المعاشات اللجوء كذلك إلى القضاء المغربي من أجل جبر الضرر بسبب رفض الحكومة الجلوس مع الطرف الهولندي من أجل التفاوض الأمر الذي انعكس سلبا على حقوق الفئة المستهدفة و المتضررة وذلك بالمطالبة بالتعويض عن فارق التخفيض أي 40% لإحقاق الحق وذلك بتأطير و التعاون مع الجمعيات الحقوقية و الهيآت النقابية و ذلك بتجنيد أجود محاميها من أجل الترافع و تكريس دولة الحق والقانون وبذلك سنقيس مدى إستقلالية القضاء عن الجهاز الحكومي على غرار اللجوء إلى القضاء الهولندي و الأروبي لأن المسؤولية مشتركة.
و في الختام أتمنى أن يتوج هذا اللقاء بتغطية إعلامية واسعة من أجل تنوير الرأي العام الوطني ودرءا لكل لبس أو تأويل سياسوي ضيق إضافة إلى إلحاحي الشديد على ضرورة تحمل الحكومة و البرلمان لمسؤوليته في هذا الشأن.
وقبل أن أختم لابد من إستحضار والتذكير بمثل أروبي شائع
Tout ce qui est fait sans nous pour nous est contre nous
و السلام
الرباط 27 / 03 / 2013
محمد بنميمون
ناشط جمعوي وسياسي بهولندا
m.benmaimoun@hotmail.com