وزان.. مدينة تُزهر بالتاريخ وتذبل بالإهمال

تلقب وزان بـ”باريس الصغرى” و”ريحانة الجبال”، وتحمل لقب “دار الضمانة” لما كانت توفره من أمان للمحتمين بها.

مدينة ضاربة جذورها في عمق التاريخ، تعود أصولها إلى العهد الروماني، حين كانت ممراً تجارياً حيوياً بين “وليلي” وطنجة.

وفي القرن السابع عشر، رسخ مولاي عبد الله الشريف مكانتها الروحية والعلمية عبر تأسيس الزاوية الوزانية، لتتحول إلى قبلة للعلماء والمتصوفة.

ورغم غنى إرثها التاريخي وروعة طبيعتها الخلابة، تبدو وزان اليوم مدينة منسية على هامش التنمية السياحية، ظلاً باهتاً مقارنة بجارتها شفشاون، التي حققت بفضل استراتيجيات ترويج فعالة إشعاعاً وطنياً وعالمياً.

رغم أن وزان تتوفر على كل مقومات السياحة الثقافية والطبيعية والدينية، إلا أن واقعها يكشف غياباً شبه تام للبرامج التنموية، وشحاً في الحملات الترويجية المنظمة التي تبرز جمال المدينة وتاريخها.

البنية التحتية السياحية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات: فنادق مصنفة قليلة، مراكز إرشاد شبه منعدمة، ومطاعم تقدم تجربة محلية أصيلة لا تكاد تُذكر. أما المعالم التاريخية، فتعاني من الإهمال وتآكل الزمن، دون ترميم أو تأهيل يُذكر.

أكثر من ذلك، تغيب وزان عن خريطة المهرجانات الدولية والمعارض الكبرى، ولا توجد شراكات فاعلة مع وكالات الأسفار، ما يفاقم عزلتها السياحية.

تحمل وزان موروثاً تاريخياً غنياً لا يقل عن مدن مغربية أخرى أكثر شهرة. الزاوية الوزانية، التي أنشأها مولاي عبد الله الشريف في القرن السابع عشر، تُعد من أبرز المعالم الدينية في المغرب، وتستقطب الزوار المتعطشين للروحانية والتصوف.

وتفخر المدينة بمعمارها العتيق، من “باب فتحة” و”باب الجمعة” إلى “سوق الحايك”، فيما تتوسطها “ساعة وزان” الشهيرة، التي تعود إلى عام 1890، شاهدة على ماضٍ زاهر.

على الصعيد الحرفي، تشتهر وزان بصناعة الجلباب التقليدي المصنوع من الصوف، إلى جانب حرف تقليدية أخرى كالنجارة والحدادة. أما الزيتون، فقصته قصة: أكثر من 63,800 هكتار من أشجار الزيتون، وإنتاج سنوي يفوق 50 ألف طن، مع سمعة عالمية لزيت زيتون وزان عالي الجودة.

ولا تقل الإمكانات الطبيعية أهمية؛ فموقع وزان بين الجبال يجعلها مثالية لسياحة المشي والاستكشاف البيئي، التي يمكن أن تتحول إلى مصدر جذب قوي إذا تم استثمارها بالشكل الأمثل.

إن تجاهل وزان ضمن الاستراتيجيات الوطنية والجهوية للسياحة يمثل خسارة كبيرة لتراث مغربي أصيل، وفرصة مهدرة لتنويع العرض السياحي الوطني.

فهل تتحرك وزارة السياحة، المجالس الجهوية، والمؤسسات المنتخبة، لوضع وزان في المكانة التي تستحقها؟ أم ستبقى “ريحانة الجبال” زهرة تذبل بصمت في حديقة النسيان؟

مشاركة المقالة
اترك تعليقاً