صدور كتاب جديد حول “الدِّرَازَة” الوزانية

وزان بريس

صدر حديثًا عن دار النشر القرويين كتاب “إثنوغرافيا الدرازة الوزانية، نحو دراسة سوسيو-ثقافية للتركيبة الاجتماعية للحرفة – حكاية حرفة”، والذي سيكون متاحًا في مكتبة فرحي بوزان ابتداءً من يوم السبت 15 مارس.

يسلط هذا الكتاب الضوء على الأصول الثقافية والاجتماعية لحرفة “الدِّرَازَة” في وزان، التي تعدّ واحدة من المهن التقليدية العريقة في المدينة. فهذه الحرفة لم تكن مجرد نشاط اقتصادي، بل مثلت بؤرة تقاطع للعديد من الثقافات، حيث تأثرت وتأثرت بالعناصر الشرفوية، الأمازيغية، الإفريقية، اليهودية، الأندلسية والعربية، مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي والاجتماعي لوزان.

التنوع الثقافي والاجتماعي في “الدِّرَازَة”

يؤكد الباحث عبد الإله الغزاوي، في أطروحته “الممارسة الثقافية للزاوية الوزانية”، أن هذه الحرفة نشأت وسط بيئة غنية بالتفاعل بين مختلف المكونات الاجتماعية، مما ساهم في بلورة وعي جمعي يعكس التنوع الثقافي بالمدينة. فقد كانت وزان، منذ القرن الثامن عشر، مركزًا اقتصاديًا ومهنيًا نشطًا، بفضل انفتاحها على ثقافات متعددة، كالثقافة الصحراوية (أهل توات)، اليهودية، الموريسكية، الفاسية، الرباطية والقروية.

الدور المحوري للمعلم “الدِّرَاز”

لم يكن “لْمْعَلّْم الدِّرَاز” مجرد حرفي، بل كان فاعلًا اجتماعيًا يمتلك قدرة تفاوضية كبيرة بفضل تفاعله المستمر مع مختلف الفئات المهنية، مثل الصناع، التجار، الدلّالين، الصوّافات، والمدوّرين، ما جعل ورشته نقطة التقاء لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

وزان: مدينة التنوع والتعدد

يشير الكتاب إلى أن وزان لم تكن فقط مركزًا للحرف اليدوية، بل شكلت نموذجًا للتعايش بين مختلف الأعراق والديانات، مما انعكس على صناعاتها التقليدية، التي كانت جزءًا من الهوية الثقافية للمدينة. فمنتجات “الدِّرَازَة” مثل الجلاليب، الخرقة، وأعمال النسيج الصوفي، لم تكن مجرد سلع محلية، بل امتدت إلى أسواق وطنية ودولية، ما عزز من مكانة المدينة كمركز تجاري وثقافي بارز يربط بين طنجة، تطوان وفاس.

تراجع الحرفة وانعكاساته

ومع مرور الزمن، تراجعت حرفة “الدِّرَازَة” بسبب الهجرة وتغير البنية الاقتصادية، ما أدى إلى فقدان المدينة لجزء من هويتها الثقافية والمهنية. فاختفاء هذه الصناعات التقليدية يعني تراجع التنوع والانفتاح الذي ميّز وزان لقرون، خاصة مع انتقال العديد من الحرفيين إلى مدن أخرى أكثر جاذبية اقتصاديًا.

يبرز هذا الكتاب أهمية توثيق الحرف التقليدية ليس فقط باعتبارها إرثًا ثقافيًا، ولكن كجزء من التكوين الاجتماعي والاقتصادي الذي شكل هوية وزان عبر التاريخ.

مشاركة المقالة
اترك تعليقاً