بقلم ذ.رشيد لغويبي
أسبوع مضى على استقبال عام جديد، حاملا معه آمالا وتطلعات جديدة، تبادلنا جميعا الكثير من عبارات التهاني التي حملت معها تمنيات وأماني بأن تكون السنة القادمة أفضل من التي مضت.. في وزان، كانت الصورة مشابهة، حيث تبادل أهل وزان، القاطنين و البعيدين، تلك الطقوس والعبارات، لكنهم رغم ذلك، يحملون في صدورهم همًّا ثقيلاً، بحكم الواقع الذي يطبع حياتهم بالجمود رغم تغير الأعوام.
تغير السنوات في وزان مسألة مختلفة، حيث تتغير الأرقام وتُضاف أعمار جديدة، ويبقى الوضع على حاله، ثابتاً لدرجة الرتابة… الجمود يسيطر على الواقع مع بعض التعديلات ” و الروتوشات ” الصغيرة هنا أو هناك، دون أن تطرأ تغييرات ملموسة في المجتمع الوزاني، من غادر وزان قبل عشرين أو ثلاثين سنة لن يجد فرقا إن قرر العودة إليها اليوم، نفس المشهد، نفس الرتابة، نفس الأرقام المسجلة في هجرة الشباب والأسر بحثاً عن فرص أفضل في الصحة والتعليم والعمل، بل هروبا من واقع لا صوت يعلو فيه فوق خطاب التذمر واليأس..
صور مألوفة يغلب عليها الوجوه السائدة التي لا تقبل التغيُّر أو التغيِير، و كثير من العناوين المتداولة التي تزداد استفحالاً في تغليب المصالح والولاءات والمشاحنات، و الكثير من الممارسات الظاهرة و الخفية التي يغلب عليها منطق ” قويدسات” التي تعيق أي فعل تنموي ملموس.
هكذا هي وزان، بل وأكثر من ذلك، رغم تغير السنوات، ورغم كل تلك العبارات التي نرددها جميعا عن الخير وكل خير الذي نتشاركه معا.
فكل عام و وزان وأهلها بألف خير، حيث تسود الكرامة وتتحقق العدالة المجالية، وتتوفر ظروف العيش الكريم للجميع، وحيث تكون وزان جامعة حاضنة لأبنائها غير منفرة.
كل عام وشباب وزان بألف خير، حيث تتوفر فرص الشغل والتعليم والصحة والبيئة السليمة، بما يحمي شباب وزان من خوض مجازفة الهروب أو السقوط في المحظور في حالات كثيرة،(الإدمان و الجريمة و الأمراض النفسية و تسجيل حالات الإنتحار).
كل عام ونخب وزان بألف خير، حيث الكفاءات الوزانية تشارك بفاعلية و شجاعة في تخليق الحياة العامة وتقطع الطريق على كل أشكال التسيب والاستهتار بمقدرات الساكنة، تلك النخب التي نتمناها أن تكون مترفعة عن كل أشكال التخندق و الولاءات الضيقة و الإنتهازية و الأنانية المقيتة، في مقابل تغليب العمل بمنطق المشترك الذي يجمع و لا يفرق، يبني و لا يهدم، يبدع و لا يشوه.
كل عام ومؤسساتنا الرسمية و هيئاتنا المنتخبة بألف خير، حيث الصدق والجدية في خدمة الصالح العام، و حيث المسؤولية و الترفع و الترافع و الحرص على مصالح الساكنة مع الكثير من نكران للذات، بعيدا عن أي منطق أو ممارسات خارجة عن حدود النص.
كل عام ومشاريع وزان بألف خير، حيث جودة البنية التحتية والمرافق العامة، بما يوفر للساكنة حقها في الولوج الآمن والطمأنينة العامة، و يوفر للساكنة فضاءات عمرانية و صناعية و بيئية و ثقافية و رياضية، كما يمنح لوزان هوية وإمتدادا بصريا يعكس طابعها العمراني والحضاري، ويواكب التطور العمراني كما هو الحال في مدن المحور الأخرى، و بما يفتح آفاقا واعدة للتنمية المستدامة.
كل عام وتراث وزان وثقافتها بألف خير، بعيدا عن أعين المتربصين ومطامح المتاجرين، بما يصون ويستثمر في الرأسمال اللامادي لوزان بشكل فعال يعود بالنفع على مسار التنمية بمفهومها الشامل ثقافياً وفنياً وسياحياً وتنموياً، بدون أي تزييف أو استغلال و تكييف في غير محله.
كل عام ومعالم وزان الحضارية بألف خير، حيث جودة مشاريع التأهيل وإعادة الاعتبار هي مطلب أساسي من أجل إعادة تثمين هذه المعالم الحضارية تنمويا، وإعادة الحياة إلى المدينة العتيقة بوزان، وبالتالي إحياء القطاعات الحيوية التي ترتبط بحياة فئات اجتماعية لا يستهان بها.
كل عام و روافد وزان بألف خير، حيث تنبض أرض وزان بكل روافدها التي تغذي شريان الحياة داخلها اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، سوق وزان الأسبوعي ليس عبئاً كما يحاول البعض تصويره في الآونة الأخيرة، بل هو جزء من الهوية الحضارية التاريخية الاجتماعية والاقتصادية، لذلك يجب الحذر من أي مساس بهذه الروافد التي يغديها الحضن الذي يحيط بحاضرة الإقليم، وأي عملية تخنق هذا الشريان الحيوي فهي حكم مسبق بإعدام وزان و محيطها، وكل القطاعات الحيوية التي تتغذى من خلاله ( الزارعة المعيشية، الصناعة التقليدية، القطاع التجاري ….)
وكل عام وفضاءات وزان بألف خير، حيث البيئة السليمة التي تربي المواطن الوزاني على القيم النبيلة والمواطنة الحقة، تلك الفضاءات التي تنمي قدرات براعم و شباب وزان جسدياً و نفسيا وفكريا و وجدانيا.
هو قليل من كثير، من الأمنيات والتطلعات التي يجب علينا كوزانيين أن نرسم بها معالم سنة جديدة، بها يستقيم حال وزان، ومن خلالها تصلح أحوال أهل وزان… وبدونها، يبقى الحال على ما هو عليه، رغم تغير أرقام السنوات بالسنة الواحدة، والعشر، والألف سنة.