من يُدافع عن أطفال إقليم وزان؟

وزان بريس/ محمد حمضي

لم يكن المجتمع الدولي مخطئا حين اختار مطلع القرن الحالي الانتصار لحقوق الأطفال ومناهضة استغلالهم في العمل، فقد أظهرت تقارير منظمة العمل الدولية أن ملايين الأطفال حول العالم يُزَجّ بهم في سوق الشغل في انتهاك صريح لحقهم في التعليم والصحة والكرامة.

ومع التصديق على الاتفاقيتين الدوليتين رقم 138 و182 بشأن الحد الأدنى لسن التشغيل وأشكال عمل الأطفال، أطلقت منظمة العمل الدولية سنة 2002 احتفالية “اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال”، الذي يُخلد سنوياً في 12 يونيو، كصرخة دولية للتحسيس بخطورة هذه الظاهرة.

لكن بينما تتعالى الأصوات الحقوقية عبر العالم، يبقى إقليم وزان، المنتمي لجهة طنجة تطوان الحسيمة التي تسجّل ثالث أعلى نسبة وطنياً في تشغيل الأطفال (13%)، خارج السياق التحسيسي والترافعي، في مفارقة صادمة.

ففي هذا الإقليم الذي تغلب عليه الطبيعة القروية، والهشاشة الاجتماعية، وغياب العدالة المجالية، ما تزال عمالة الأطفال – والطفلات خصوصا – ظاهرة مستشرية في الحقول والرعي وورشات الصناعة التقليدية والميكانيك، وحتى داخل البيوت، حيث تُنتزع الطفلات من طفولتهن للعمل في ظروف قاسية، أحياناً بمدينة بعيدة.

وتزيد هذه الوضعية قتامةً حين تُضاف إليها ظاهرة تزويج القاصرات، والتي تعتبر شكلا من أشكال العنف والاغتصاب المقنن قانونيا.

ورغم بعض التراجع المحسوس في عمالة الأطفال بالإقليم خلال السنوات الأخيرة، بفضل برامج اجتماعية وحملات تحسيسية، إلا أن ذلك لم يرقَ بعد لمستوى السياسات العمومية المستدامة والمبنية على مقاربة حقوقية.

وفي خضم هذا الواقع، يُطرح سؤال مؤلم: لماذا لم يتم تخليد اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال بإقليم وزان، رغم وجود لجنة إقليمية لحماية الطفولة تم إحداثها سنة 2023 برئاسة عامل الإقليم؟

أين هي المبادرات؟ أين هو صوت المجتمع المدني؟ ولماذا صمتت الجمعيات التي تشتغل في حقل الطفولة في مناسبة أممية يُفترض أن تكون لحظة للترافع والتحرك؟

الواقع يقول إن الآلية التي كان يُنتظر منها حماية أطفال وزان، وُلدت ميتة، وإن “الإدارة الإدارية” – لا “الإدارة المواطنة” – لا تزال هي السائدة في التعاطي مع قضايا الطفولة بالإقليم.

في الختام، قد تكون مقولة “إذا عمت، هانت” هي العنوان الأنسب لحالة التراخي هذه.

لكن السؤال الأهم يظل قائما: هل من صحوة ضمير؟

مشاركة المقالة
اترك تعليقاً