وزان بريس
نظمت جمعية الفقيه الرهوني للعناية بالقرآن الكريم وتدريس علومه بجماعة أسجن، نواحي وزان، ندوة علمية تحت عنوان “ظاهرة الانتحار.. الأسباب وطرق الوقاية”، وذلك في إطار أنشطتها الثقافية بمناسبة شهر رمضان المبارك.
شهدت الندوة حضورًا وازنًا، ضمّ تلاميذ ويافعين، إضافة إلى ممثلين عن السلطة المحلية والمجلس الجماعي، وعدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بالمجال الصحي والتربوي.
وفي مداخلته، ركز الدكتور الحسين واري، طبيب عام بالمركز الصحي بأسجن، على الجوانب النفسية المرتبطة بالانتحار، مستعرضًا أمثلة واقعية، ومشددًا على أهمية الحوار الأسري والتآزر العائلي كوسيلة فعالة للحد من الظاهرة.
من جهته، وصف ياسر جلول، ممرض حاصل على شهادة الماستر في القانون العام، الظاهرة بـ “المعقدة”، مشيرًا إلى أن المغرب يحتل المرتبة 96 عالميًا من حيث معدلات الانتحار، وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية لسنة 2024. كما كشف أن 48% من حالات الانتحار المسجلة بالمغرب تتركز في جهة طنجة تطوان الحسيمة، وأن شفشاون تتصدر القائمة بـ 34 حالة سنويًا.
وأشار جلول إلى أن 75% من حالات الانتحار تحدث في المناطق القروية، مع اختيار الشنق كوسيلة أساسية في 93% من الحالات.
أما الأستاذ أحمد الحناوي، الباحث في التربية والدراسات الإسلامية، فقد سلط الضوء على النظرة الدينية للظاهرة، مستندًا إلى نصوص شرعية تحرم إيذاء النفس، مؤكدًا على دور القيم الدينية في الوقاية.
خلصت الندوة إلى عدة توصيات، منها تشكيل لجنة للإنصات والمواكبة النفسية داخل الجماعة الترابية بأسجن، وتعزيز البنية التحتية للرعاية النفسية عبر بناء مستشفيات متخصصة وزيادة عدد الأطباء النفسيين، وإدماج الصحة النفسية في المناهج الدراسية مع إيلاء أهمية خاصة لصحة الأطفال والمراهقين، ومحاربة العنف الأسري والمدرسي من خلال إنشاء خلايا للإنصات بالمؤسسات التعليمية، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية عبر تعزيز فرص التشغيل والدعم الاجتماعي، وإطلاق برامج لمحاربة الإدمان وإعادة التأهيل، وتشجيع مبادرات التكافل الاجتماعي لدعم الفئات الهشة.
أكد المشاركون أن معالجة ظاهرة الانتحار تتطلب مقاربة شاملة تجمع بين الرعاية النفسية، والدعم الاجتماعي، والتوعية الدينية والتربوية، في أفق بناء مجتمع أكثر تماسكًا قادر على احتواء الأفراد وحمايتهم من الوقوع في براثن اليأس.