كانت حكايات من زمن مضى، يأبى الأمعاء ما دامت مدينة وزان العتيقة حروفا من حجر ورخام تتحدث إلى عشاقها ومريدها كل اللغات: وإن كثمت حزنها من عابرين بها .أو من كائنات إسمنتية تطاول القباب كالألفيات العرجاء.
وزان المدينة العتيقة مدينة التين والزيتون وجبال وتلول هي كتابة من طين وتراب وخشب وزجاج ونحاس. تحاور الشمس عندما تنسج عليها رداء الدفء والحياة، وتحكي للقمر في ليالي عن لونها الأخضر، فكل المصنوعات الطينية والفضية والنحاسية والصوفية والجلدية لم تصنع لتزين جدارا في ركن منسي، ولا لوتضع في زاوية ليتباهل بمجدها التليد هنا، سوق حايك هنا الدباغة هنا الصياغين هنا الخراطين هنا الخياطين هنا جمالية التناسب، مستدعية أشكال الدائرة والمعنيات والتوريق، والخط والزخارف، لتعلن هويتها الوجودية عن الصانع التقليدي الوزاني يستدعي من أعماق ذاكرته، تلك الصانع الذي تترعر في كنف أمهر المعلمين نعم إنها هبة الصناع الوزانيون فهم الذين تكفلوا ببناء وزخرفة وزان العتيقة وإخراجها صرحا حضاريا، وسجلأ للوجود قبل خروج المهندسين والمعماريين ولا عزو في ذلك الارتباط الغريب والعجيب بين الصانع التقليدي، إما أن يكون شاعر عصامي أو كاتب أو فنان فيهم اجتمع الولع بفنون شتى من هذا المخزون القولي والجمالي، إن الصانع التقليدي الوزاني ايقونة تاريخية تتحدى الأزمنة جاعلة كل حجر أو نقش أو خط وزاني لتعلن في الوقت ذاته ولع الصانع هنا في هذه المدينة ذات الصيت.
وعلى الرغم من عوايدي الزمن، وغزوات المصنوعات من الصين وساءر العالم فما زالت الصناعة التقليدية في هذه المدينة العتيقة تحاورك بجانب من حسنها، وإن علاه الحزن والأسى من شر هذه السلطة الوصية والمركزية اللواتي لم يعترفوا بهذا الصانع إلا في صورة البقرة الحلوب التي تدرا عليهم أصناف المأكولات والمشروبات والعملات.
بقلم حسن السريفي فاعل جمعوي