اصلاح التعليم و تحديات المنظومة التربوية

 

اصلاح التعليم و تحديات المنظومة التربوية


بقلم : بنت الشاون

المناسبة شرط كما يُقال، والمناسبة هنا هي النقاش الذي يخيم على الدخول المدرسي لهذه السنة، والذي تدور رحاه حول إصلاح التعليم، خاصة بعد الخطاب الملكي الأخير الذي وُضع من خلاله الأصبع فوق بعض مكامن الخلل التي تعرفها منظومة التعليم بجميع مستوياته. لن نتطرق هنا لما جاء في الخطاب لأن مضامينه والرسائل التي حملها كانت مباشرة وغاية في الوضوح. لكن، سنحاول التطرق لبعض المشاكل الهيكلية التي يعانيها هذا القطاع و التي أفرزت لنا مجموعة من الأفكار السلبية الجاهزة التي تطلق على التعليم العمومي في مقارنته مع التعليم الخاص من حيث الجودة و المردودية بالدرجة الأولى.
فَجُل فئات المجتمع المغربي تُجمع على فعالية و جودة التعليم الخاص إذا ما تمت مقارنته مع التعليم العمومي، فما مرد ذلك؟ و كيف يتم تقييمه؟
تعتبر المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم في المدارس العمومية بالمغرب مشاكل هيكلية ابتداء من مرحلة ما قبل ولوج الطفل للمدرسة و انتهاء بحصوله على شهادة جامعية كانت أو غير ذلك. و يمكن تلخيص عناصر هذا الإشكال من وجهة نظرنا في كون العنصر البشري، الذي تناط به مهمة التدريس في المدارس الابتدائية العمومية، ينتمي في بداية تعيينه إلى فئة الشباب الذي لم يتجاوز سنها العشرين سنة أو تجاوزها بقليل، فبالله عليكم كيف لشاب لم يسبق له التعامل مع طفل أي توكل إليه مهمة تربية وتعليم أصعب شريحة في المجتمع والمكونة من عشرات الأطفال في آن واحد  (رغم الخضوع للتكوين في المراكز الخاصة بذلك  )؟؟؟ إضافة إلى هذا، كيف يمكن لأستاذ شب و ترعرع في الغالب في إحدى المدن الكبرى أن يؤدي ما هو مطلوب منه في ظروف يعرفها الجميع  (خاصة إذا ما تم تعيينه في إحدى فرعيات المدارس في العالم القروي  )، أما إذا تم تعيينه في مجال حضري فإن المشكل الرئيس الذي يواجهه في أغلب الأحيان هو مشكل الإكتضاض و الذي قد يصل إلى أزيد من 40 تلميذ في القسم الواحد، و هنا نطرح السؤال التالي : كيف يستطيع أستاذ أن يتعامل بيداغوجيا مع هذا العدد الكبير جدا من التلاميذ في القسم الواحد ،وهل يصدق عاقل أنه يمكن لأي أستاذ في العالم العمل في ظروف كهذه  (هذا دون التطرق للأدوات البيداغوجية البدائية و القليلة  )؟؟؟
أما المقررات التعليمية فحدث و لا حرج. إذن و كما سبق الذكر، فإن الخلل هيكلي يشمل كلا من العنصر البشري و المقررات المعتمدة و الوسائل البيداغوجية…  ). لهذا وجب إعادة هيكلة قطاع التعليم ابتداء من التعليم الإبتدائي و انتهاء بالجامعي بطريقة تمكن التلميذ من التحصيل وفق معايير مضبوطة و مخطط لها بدقة ووفق متطلبات سوق الشغل.
لكن، نجد بالمقابل أن جل هذه المشاكل تغيب عن مؤسسات التعليم الخاصة و التي تعتمد في تمويلها على المبالغ المالية التي يؤديها أولياء التلاميذ مقابل الدراسة وفق معايير مقبولة إلى حد ما. وإذا كانت هاته المؤسسات تختار مدرسيها في الغالب من الأساتذة الأكفاء العملين في القطاع العمومي، فإنه من بين ما يعاب على بعضها هو معدلات تلاميذها المرتفعة جدا مما يطرح مشكلة أخرى تتعلق بمصداقية الشواهد  !  !  ! التي تمنحها  !  !  !
وخلاصة القول أنه رغم ما قيل و ما يقال حول التعليم العمومي بالمغرب، و رغم أن مشاكل وإكراهات هذا القطاع بالجملة، إلا أن رجاله يستحقون كل التنويه على المجهودات التي يقومون بها و التي أفرزت و تفرز نوابغ يشهد لها بالكفاءة في كل القطاعات . فإنه من باب الواجب، الإعتناء بالموارد البشرية ماديا و معنويا خصوصا في العالم القروي، و إشراكها في المخططات التربوية، متفادين في ذلك القرارات العمودية و المذكرات الطائشة من هنا و هناك.
في الأخير تجب الإشارة إلى أن هذا الموضوع شائك جدا ومتشعب جدا و لن يكفينا مقال واحد أو حتى عشر مقالات للإحاطة بكل جوانبه، لكن أبينا إلا أن نتطرق لجزء بسيط جدا من المشاكل التي يعرفها.


https://www.facebook.com/bentchaouene
  بـْـنْت الشَاوْنْ

 

مشاركة المقالة
اترك تعليقاً